مقالات

السودان: العميد شرطة (م) محمد أبو القاسم عبدالقادر يكتب: الشرطة والأمن المجتمعي

– الشرطة من الشعب وبالشعب وإلى الشعب وتعمل على خدمة وحماية الشعب وتحقيق أمنه وإستقراره ، ومنسوبي الشرطة السودانية هم أبناء الشعب السوداني جاءوا من كل أطيافه ومكوناته وانصهروا في مؤسسة الشرطة وتدربوا فيها ، وأدوه قسما مغلظا في صدق وأمانة ناذرين حياتهم لله والوطن وخدمة الشعب ، وهم على إستعداد لتقديم أرواحهم رخيصة لينعم المواطن بالأمن والطمأنينة والسلام.
– وقد أشار دستور السودان للعام ٢٠٠٥م إلى أن الشرطة قوة نظامية قومية التكوين مهمتها خدمة أمن الوطن والمواطنين ، ومكافحة الجريمة، وحماية الأموال ودرء الكوارث ، والمحافظة على أخلاق المجتمع وأدابه والنظام العام ، وكذلك نص قانون الشرطة ٢٠٠٨م على أن قوة الشرطة قوة نظامية خدمية ، الإنتماء لها مكفول لكل السودانيين بما يعكس تنوع وتعدد المجتمع السوداني ، ولذلك لا ينبغي أن تنفصل الشرطة عن المجتمع ويجب أن تمد معه جسور التواصل خاصة وأنها تعمل لتحقيق الأمن المجتمعي في حياد ومهنية تامة.
– إن نجاح العمل الشرطي يرتبط إرتباطا وثيقا بالعلاقة الطيبة بين مؤسسة الشرطة وبين المجتمع ، فمتى ما كانت العلاقة جيدة ومتميزة إنخفضت معدلات الجريمة ، ومتى ما ساءت العلاقة كثرت الظواهر الإجرامية ، وإرتفع معدل الجريمة بما يوحي للمراقب بأن هنالك إنفلات أمني على وشك الوقوع .
– ولعل الكثير من الكتاب والمهتمين في الصحف وفي وسائط التواصل الاجتماعي تناولوا حديثا عن إرتفاع معدلات الجريمة وما يصحب ذلك من مظاهر للإنفلات الإمني متهمين الأجهزة الأمنية والشرطة خاصة بالتقاعس ، وقد إجتمعوا على أن ما يحدث هو مؤشر لعجز الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها في تحقيق الأمن وحفظ الإستقرار بالصورة المطلوبة ، وهذه حقيقة يجب التعامل معها بكل جدية حتى يشعر المواطن بالطمأنينة والسلام ويتحقق له الإستقرار الذي ينطلق منه إلى بناء الوطن وتنميته .
– إن التردي المريع في الإقتصاد ، والأوضاع السياسية غير المستقرة ، وتفشي العطالة ، وإنتشار السلاح بصورة فوضوية ، وتعطيل العمل بالقوانين الرادعة ، كلها أسباب وعوامل توفر المناخ الملائم لإنتشار الجريمة بأنواعها ، وترفع من معدلاتها وتساهم في تطورها ، إلا أن الحسم متاح وممكن ، ويكمن في إعادة علاقة الشرطة بالجمهور ، وإشراك المواطن في العملية الأمنية.
– ومهما كانت هناك زيادة عددية في أفراد الشرطة ودعم لقدراتها وإمكاناتها فإن ذلك وحده لن يؤدي إلى حفظ الأمن وتحقيق الإستقرار بالصورة المطلوبة إذا لم يأتي في إطار خطة مدروسة تعتمد على عدد من المحاور والمرتكزات والتي من أهمها أن يكون المواطن شريكا أصيلا في العملية الأمنية.
– والحديث عن إشراك المواطنين في العملية الأمنية هو حديث يوافق المنطق السليم ، ويواكب ما هو معمول به في الدول التي تحقق الأمن والإستقرار لمواطنيها بدرجة كبيرة ، وهو حديث مبني على أسس علمية ونتاج لتجارب خبراء أمنيين تحدثوا عن مفهوم الأمن الشامل ، وفوق كل ذلك هو حديث له سنده القانوني ، فقد نصت المادة (٤) من قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩١م إلى أن (منع إرتكاب الجريمة واجب على الكافة ) مما يعني أن مسئولية تحقيق الأمن هي مسئولية تضامنية بين كافة أفراد المجتمع ، وأن الأمن مسئولية الجميع ، وأن المواطن السوداني شريك أصيل في العملية الأمنية، وهذا حق كفله له دستور السودان ٢٠٠٥م الذي أشار في المادة (٢٣) إلى واجبات المواطن السوداني والتي من بينها أن يحافظ على الأموال والممتلكات العامة وأن يلتزم بالقانون ويتعاون مع الأجهزة المختصة في تنفيذ القانون وحفظ النظام .
– إذا تبقى المبادرة مهمة من جانب الشرطة في أن تعمل على مد جسور التواصل مع المواطنين وقيادتهم والإشراف عليهم وتوجيههم لمساندة الشرطة ودعمها في القيام بواجباتها ، وبالطبع يعتمد ذلك على خطط الشرطة ومدى إهتمامها بتحقيق مفهوم الأمن المجتمعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى