مقالات

الشرطة الشعبية .. صمام أمان

بقلم: العميد (م) محمد ابوالقاسم عبدالقادر

* عند نشر هذا المقال يكون وزير الداخلية الفريق أول شرطة حقوقي الطريفي إدريس دفع الله قد غادر موقعه في الوزارة بعد فترة عمل شاقة إكتنفتها الكثير من المتاعب والصعوبات ؛ كيف لا والرجل ممسك بمقود سفينة تلطمها الأمواج وتتدافعها الرياح ، فقيادة الأمن الداخلي في ظل هذه الظروف السياسية المضطربة نتيجة لهذا التشاكس بين مكون عسكري ومكون مدني (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) هو أمر بالغ الصعوبة ، ولكن الرجل بحنكته وخبرته ومهنيته أظن أنه قد استطاع المحافظة على توازن السفينة التي لم تبلغ بر الأمان حتى الآن وأتمنى أن يترك المقود لخلفه مع خارطة طريق توضح كيفية التعامل مع هؤلاء المتشاكسون.
* والرجل على الرغم من أنه كان يبذل وسعه في قيادة السفينة إلا أنه يبدو أن هنالك أمواجا عاتية لم يستطع أن يتجاوزها ، فقد صدرت بعض القرارات التي إعتقد أنه كان لها تأثير سلبي على العملية الأمنية مثل قرار حل الشرطة الشعبية .
* والشرطة الشعبية قوة مقدرة لها دورها الثابت والأصيل في تحقيق أمن الوطن والمواطن، فهي قوة داعمة ومساندة لقوات الشرطة ولها أثرها القوي في العمل الأمني بانتشار مرابطيها في الفرقان والأحياء ولها دورها البارز في تقصير الظل الإداري للعمل الشرطي.
* وقد قام البعض بتوجيه سهامهم المسمومة نحو الشرطة الشعبية معتقدين بأنها صنيعة الإنقاذ وأنها من ميليشيات النظام البائد وأن النظام البائد أنشاها لتكون بديلا لقوات الشرطة ، وما دروا بأن الشرطة الشعبية هي قوة معمول بها في كافة الأنظمة علمانية ولا دينية ،وغيرها، فهي قوة أمنية مساندة للقوة الرسمية نجدها في بريطانيا وفي روسيا وفي بولندا وفي بعض الدول العربية كالامارات و السعودية وكذلك في بعض الدول الأفريقية ، وتاريخ الشرطة الشعبية في السودان يعود للعهد الاستعماري وكانت موجودة في ظل كل الأنظمة التي حكمت السودان شمولية كانت أم ديمقراطية.
* إن عمل الشرطة الشعبية يقوم على فلسفة الأمن المجتمعي تحقيقا لمفهوم الأمن مسئولية الجميع ، وهذا مفهوم تم تطبيقه من خلال اللجان المجتمعية وإنتشار مواقع بسط الأمن الشامل .
* إن الإنفلاتات الأمنية التي تحدث في الخرطوم وخاصة في الأطراف إضافة إلى بعض الممارسات الناتجة عن المفهوم الخاطئ للحرية والديمقراطية من قفل للطرق وتحويل المسارات وخلق الفوضى هو نتاج طبيعي لغياب الأمن المجتمعي .
* الدعوة الآن واجبة للسيد وزير الداخلية المرتقب في مراجعة القرار وإعادة هذه الإدارة أو إيجاد بديل آخر كجمعيات أصدقاء الشرطة ، فلا بد أن يكون هنالك سند للشرطة وبعد مجتمعي يشكل درع أمني قوي يحفظ أمن الوطن والمواطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى