أخبار السودان

مخترع (التوكتوك الكهربائي) يكشف سر النجاح

رصد: السودان الآن

يزخر العالم العربي بابتكارات واختراعات وطنية عديدة لكن القليل منها وجد طريقه إلى السوق كمنتج منافس قابل للبقاء. لكن “توكتوك” المهندس السوداني محمد سمير نجح في تحقيق المعادلة الصعبة دون حتى أن يخرج صاحبه بعيدا عن السودان.. الابتكار بعقل سوداني والتصنيع بأيدي السودانيين. “العين الإخبارية” حاورت المهندس سمير لتعرف حكاية 5 سنوات من العمل المضني والمثابرة التي قادت لهذا الإنجاز الذي أسقط كثير من الأعباء في بلاده. ويوفر التوكتوك الكهربائي عناء الوقود وكلفته ويمزق فواتير الصيانة مما يجعله ذي جدوى اقتصادية عالية مقارنة بالعادي ويكون وسيلة تحقق كسباً معقولاً للعائلات الراغبة في زيادة دخلها، فضلاً عن أنه مركبة صديقة للبيئة. وتحدث سمير خلال المقابلة عن ميزات التوكتوك الكهربائي عن غيره ومواصفاته، وخطط تطويره ودافعه لهذا المشروع الكبير، وسعره مقارنة بالذي يعمل بالوقود.
مهندس محمد سمير جلال الدين، خريج كلية الهندسة الميكانيكية جامعة الخرطوم، لدي شهادتي ماجستير إحداهما في العام 2010 حول الجودة الشاملة، والأخرى في العام 2019 بمجال ريادة الأعمال.
بدأت في العام 2016. أحد أقاربي وصل إلى سن التقاعد وقام بشراء توكتوك لزيادة دخله، وقام بإعطائه لسائق آخر، وحقق له إيرادات معقولة في أول شهرين من العمل، لكن بعدها حدث تراجع كبير حيث ازدادت مصارف الوقود والصيانة، وبعد ستة أشهر إنهار التوكتوك وأصبح بحاجة إلى صيانة كاملة (عمرة)، واضطر قريبي لبيعه لأنه لم يحقق الغرض، بل شكل عبئاً إضافياً.
من هنا فكرت في وسيلة لا تحتاج وقود وصيانة وفعالة يعتمد عليها في كسب الرزق حيث بدأت البحث وقمت بمراسلة عدد من الشركات العاملة في المجال، وفي النهاية بدأت مع إحداها في العام 2018، واجريت الاختبارات لمدة ثلاث سنوات ومن ثم عملت تعديلات على مواصفات العينات التي أتتني من هذه الشركة وأرسلتها لهم للاعتماد النهائي.
التوكتوك منذ الفكرة وحتى بداية الإنتاج استغرق نحو خمس سنوات، فبعد الاختبارات الأولية مع شركات عالمية مختصة لثلاث سنوات، تطور الأمر وصار مشروع لبحث علمي نلت بموجبه درجة الماجستير من جامعة إيطالية اسمها “كاتلوكيا كانسرو” وبالتعاون مع جامعة العلوم الطبية بالسودان، تخصص ريادة الأعمال عام 2019 حيث استغرقت دراسة المشروع في الجامعتين مدة عام كامل.
لقد حقق المشروع نجاحات وفاز بجوائز عديدة وتمت دعوتنا لميلان الإيطالية، ولكن للأسف في لحظة وصولنا أغلقت المدينة بسبب جائحة كورونا وكان ذلك في العام 2020.
وبعد ذلك قمنا بتأسيس مصنع لصناعة التوكتوك الكهربائي بتمويل ذاتي، نحمد الله أن وفقنا لتجاوز كل التحديات وظروف جائحة كورونا والإغلاق، وتمكنا من بدء الإنتاج في العام 2021 والبيع في التوكتوك الكهربائي نصف طن، (خاص بالبضائع)، وفي مارس الماضي 2022 أنتجنا التوكتوك الكهربائي الخاص بالركاب ويسمى محلياً بالركشة (6 ركاب)، ومن ثم أدخلنا الطاقة الشمسية، كمصدر للتيار في هذه المركبة وذلك للتغلب على أزمة الكهرباء التي يعيشها السودان.
بالطبع هي وسيلة فعالة وغير مكلفة اقتصادياً، ومواصفاتها هي أن الشحنة الواحدة تقطع بين 80 – 100 كيلو متر للتوكتوك الخاص بالبضائع، و100 الى 120 كيلومتر للتوكتوك الخاص بالركاب، ومن واقع التجربة فإن السائقين لهذه المركبات يقطعون نحو 40 كيلومتر في اليوم، مما يجعل الشحنة الواحدة تكفي لأكثر من يومين، ولكننا دائماً ننصح بأن يتم الشحن بساتمرار للمحافظة على البطارية، وحتى يكون جاهزاً وربما يأتي مشوار طويل.
في الواقع هو ليس اختراعا جديداً ولكن الطريقة التي استخدمناها في الشحن مختلفة بعض الشي، إذ جعلنا الطاقة الشمسية تشحن بشكل غير مباشر بدلاً عن المباشر، فأخذنا (بلك) المنزل معنا في التوكتوك ليصبح به مصدر للطاقة والتي تقدر بـ220 فولت، ويمكن أن تستخدم هذه الطاقة في إضاءة المنزل وتشغيل المراوح، حيث يوفر طاقة في حدود 1500 واط.
التوكتوك الكهربائي، يعتبر وسيلة فعالة وليس به أي مصاريف تشغيل مقارنة بالعادي ولا يحتاج صيانة مستمرة، وهو اختراع حقق بموجبه ثلاثة من أهداف التنمية المستدامة، وهي محاربة الفقر بتقديم وسيلة إنتاج للعائلات الضعيفة، بجانب المساهمة في تحسين صحة الناس، والمحافظة على البيئة لعدم وجود انبعاثات وغازات من التوكتوك الكهربائي.
فالتوكتوك الكهربائي أوتوماتيكي وسهل القيادة حتى بالنسبة للنساء، فأحد العملاء أمتلكه، ولظروف عمله، قامت زوجته بقيادة التوكتوك وإستغلته في توصيل أبناءهأا إلى المدرسة، ووفرت على زوجها مصاريف ترحيل تقدر بـ60 الف جنيه في الشهر، وهي تعمل مدة عام ونصف حتى الآن في آمان.
مستوى الصناعة لا يعرفه إلا المختصين، نحن بمستوى CKD وذلك يعني التصنيع الكلي، فنحن نقوم بصناعة الشاسيه الخاص بالتوكتوك الكهربائي وجميع عمليات اللحام والدهان والتجميع والاختبارات النهائية.
وهذا ما تفعله شركات السيارات الكبرى بالضبط، إذ تنتج الشاسيه، وتقوم بشراء بقية الأجزاء من جهات أخرى، فنحن نستورد مكونات التوكتوك الكهربائي الأخرى من إحدى الشركات الصينية وقد نلنا منها امتياز في التصنيع.
سعر التوكتوك الكهربائي مساوٍ للذي يعمل بالوقود، وكما تعلمون فإن الجدوى الاقتصادية لأي مشروع مهمة لضمان الاستمرارية، فلم يكن موضوع السعر سهلاً واضطررنا لعمل كثير من الأشياء لتقليل تكلفة الإنتاج وبجودة عالية.
فسعر بيع التوكتوك الخاص بالبضائع 2700 دولار، ما يعادل مليون و400 جنيه سوداني، أما سعر توكتوك الركاب “ركشة” 4 الف دولار، نحو 2 مليون و300 جنيه سوداني، في حين يبلغ سعر التوكتوك “ركشة” وقود جديد موديل 2022، نحو 2 مليون و700جنيه، فلدينا فارق حتى من السوق.
نحن نتابع تعليقات الناس في وسائل التواصل الاجتماعي فهي مجافية للحقيقة، هناك أشخاص غير مختصين يقومون بإجراء مقارنات غير صحيحة للأسعار، ودائماً يقارنوننا بأسعار التوكتوك المستعمل وهذا خطأ، وينبغي المقارنة بأسعار الجديد، لكن كل من يعمل بالمجال فاهم تماماً قيمة ما نقدمه وكذلك أسعارنا.
ليس بعد، لكن لدينا تعاون حالي مع جهة في السودان لتصميم جديد للتوكتوك الكهربائي الخاص بالركاب “ركشة”، أخف في الوزن وأجمل في الشكل وبعمر أطول.
نحن مستمرون في هذا العمل غير السهل، ولكن سنصبر ونجتهد ونبتغي التوفيق من رب العالمين، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.
نحن كنا واثقون أن أي شيء يصب في صالح العمل والمجتمع سيحالفه النجاح مهما كانت المصاعب، وهذا ما حدث معنا في مشروع التوكتوك الكهربائي.
والدليل على نجاحنا، تلقينا طلبيات من كينيا وجنوب السودان وتشاد، هناك شركة مصرية طلبت منا أن نعمل مصنع في مصر شراكة بيننا وبينهم لإنتاج التوكتوك الكهربائي واستعمالات الطاقة الشمسية على وجه التحديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى