مقالات

السودان: عميد شرطة (م) محمد أبو القاسم عبدالقادر يكتب: الإنفلات الأمني (٢)

– قلنا في المقال السابق أنه لا يوجد إنفلات أمني في السودان بالمعنى الإصطلاحي الصحيح لهذه العبارة، ولكن توجد محاولات لصناعة الإنفلات الأمني بالتأكيد لها مقاصد وأهداف ، والتي إعتقد إن من أهمها إدخال البلاد في حالة من عدم الإستقرار والفوضى ، وخلق بيئة مهيأة ومناسبة لإنتشار الجريمة بأنواعها بغرض التمهيد لتنفيذ خطة تسعى لها أطراف تعمل على الإستفادة من هذه الأوضاع ، وإذا لم يتم التصدي لهذه المحاولات بصورة قوية وحاسمة فسيحدث ما لا يحمد عقباه.
– إن من أهم الخطوات للتصدي لمحاولات صناعة الإنفلات الأمني تتمثل في إظهار هيبة الدولة وبسط نفوذها ، ويكون ذلك بالثقة التامة بالقوات المسلحة ، فهي رمز السيادة وحامية البلاد ، وهي التي قدمت الشهداء من منسوبيها ضباط وضباط صف وجنود لحماية الشعب السوداني في بسالة وإقتدار ، وهي التي تحمي الدستور والقانون ، ولذلك هي الوعاء الأشمل الذي ينصهر فيه أبناء السودان بمختلف مكوناتهم ، وهي تجسيد للقومية وتتلاشى وتنعدم فيها القبلية والعنصرية ، ولذلك هي مؤهلة تماما لإستيعاب أبناء السودان من الحركات المسلحة الذين عادوا لحضن الوطن بعد توقيع إتفاقية سلام جوبا ببروتوكلاتها المتعددة والتي من أهمها بروتوكول الترتيبات الأمنية ولا أظن أن هذا البروتوكول قد نص على أن تنتشر هذه الحركات بقواها المسلحة في حدائق الخرطوم ومنتزهاتها ، فالوجود العسكري المسلح في عاصمة البلاد من قوات لم يتم دمجها وإستيعابها في القوات المسلحة أو الشرطة أو جهاز المخابرات، يمثل أكبر مظاهر الإنفلات الأمني ، فعلى الجهات المختصة العمل على تسريع تنفيذ الترتيبات الإمنية ودمج هذه القوات بعد تدريبها وتأهيلها حتى تكون إضافة حقيقية للقوات المسلحة وخاضعة لتعليماتها وسندا لها في تنفيذ مهامها وواجباتها المختلفة.
– في إعتقادي إن من مطلوبات حسم محاولات صناعة الإنفلات الأمني، تقوية قوات الشرطة ، فالشرطة الآن نمر ورقي خليعة الأنياب والأظافر حيث لا صلاحيات وسلطاتها مغلولة تجثم على صدرها نيابة جنائية إسترشادا وإتباعا لنظام (فرانكفوني) تم تطبيقه على مجتمع سمته الغالبة الأمية والجهل فسرنا على درب التقليد وتعامينا عن ظروف مجتمعنا وطبيعة تكوينه فكانت النتائج ظواهر إجرامية جهارا نهارا تمد لسانها تهكما وسخرية من بيروقراطية الإجراءات وكتابة العرائض وإنتظار أمر وموافقة النيابة بدعوى حقوق الإنسان وإحترام كرامته .. الصوت الأن عاليا ينادي بمراجعة القوانين وإعادة السلطات لقوات الشرطة وإطلاق يدها ومن ثم محاسبتها على أي تقصير.
– إن دعم المؤسسات الأمنية وتقويتها من أهم أسباب الإستقرار الإمني ، فلا توجد دولة في العالم تحترم المؤسسية تقوم بإنشاء مؤسسات أمنية موازية لأجهزتها الرسمية، وتسمح لقوات مسلحة غير خاضعة للإجهزة الرسمية بالوجود وسط المدنيين في مظهر مخل بالأمن قد تنتج عنه تفلتات تصعب السيطرة عليها .
– على السلطات أن تعمل بجد وقوة وصرامة في الحفاظ على أمن المواطنين ، وأن تردع أي جهة مهما كان شأنها تحاول العمل على صناعة الإنفلات الأمني بالبلاد ، وأرجو من كل المواطنين الحريصين على أمن البلاد أن يكونوا على يقظة كاملة وتعاون فعال مع أجهزتنا الأمنية المختصة حتى نفوت الفرصة على أعداء الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى